التجارة الالكترونية بغرب افريقيا

في خضم التطور السريع الذي أصبح يعيشه العالم اليوم ,لاسيما بعد اعتبار  فيروس كوفيد 19 جائحة عالمية من طرف منظمة الصحة الدولية في الحادي عشر من  مارس 2020 , ثم فرض حالة الطوارئ و الحجر الصحي , برزت تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات كنموذج جديد أحدث طفرة غير متوقعة على مستوى سلوك المستهلك و خيارات تسوقه , و ساهم في شيوع ثقافة الشراء عبر الانترنيت .  في هذا المقال سنتطرق إلى دراسة وضعية سوق التجارة الالكترونية بدول غرب إفريقيا, و أهم التحديات التنموية التي يواجهها هذا القطاع ثم استشراف تطوراته المستقبلية .

 التجارة الالكترونية بغرب افريقيا

جدول المحتويات

خصائص التجارة الإلكترونية بدول غرب إفريقيا

سنفتتح هذا المقال بإلقاء نظرة شاملة على خصائص التجارة الإلكترونية بدول غرب إفريقيا . في الواقع , لطالما اعتبرت التجارة عبر الانترنيت في القارة الافريقية من بين أهم القطاعات المساهمة في النمو الاقتصادي بالمنطقة كونها توفر أكثر من 400 مليون مستخدم للإنترنت ، وهو ثاني أكبر عدد مستخدمي الإنترنت في العالم ، بعد الصين مباشرة . هذه الميزة تجعل من السوق الإفريقية سوق مربحة للتجارة الإلكترونية , لاسيما وأنها أصبحت تدريجيا جزءا من عادات الاستهلاك للسكان في المراكز الحضرية الأفريقية الكبيرة .على سبيل المثال لا الحصر: فإن المنصة المغربية  "Storeino " الهادفة المتخصصة في انشاء المتاجر الإلكترونية ومواقع للبيع على الإنترنت تعد أكبر منصة إلكترونية بإفريقيا بحيث تقدم لمستخدميها جميع الحلول والإمكانيات لولوج مجال التجارة الإلكترونية و تطوير عملهم على الانترنت بالاضافة الى مواكبتهم و دعمهم لتحقيق أرباح من هذا المجال .
من الواضح إذن أن القارة السمراء تطمح لتطوير هذا الشكل من التجارة بشكل سريع سواء على مستوى الأعمال التجارية أو على مستوى توفير السلع والخدمات للمستهلكين عبر الانترنت . بلغة الأرقام , فإن دولة موريشيوس حصلت على أعلى تصنيف حسب مؤشر التجارة الإلكترونية لتقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية  عام 2017  . ثم احتلت نيجيريا المرتبة الثانية ،ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى كونها أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان . يليها جنوب أفريقيا في المرتبة الثالثة ,تونس ثم المغرب .
غير أن هذه الدول لا تزال خارج الرتب الخمسين الأولى في هذا التصنيف على المستوى العالمي , الشيء الذي يعكس تواجد تحديات بنيوية  تحول دون الاستمرار في عملية النمو و الازدهار الاقتصادي لهذا القطاع في إفريقيا الغربية.

تحديات التجارة الإلكترونية بدول إفريقيا

أول تحدي يكمن في مركزية النشاط الاقتصادي ,و المتمثل أساسا في تواجد فجوة رقمية كبيرة بين المدن الكبرى والمدن الإقليمية في دول غرب إفريقيا: عادةً ما تكون المواقع الأكبر والأكثر نشاطًا موجودة فقط في المناطق الاقتصادية الأكبر والأكثر تقدمًا ، بدلاً من أن تكون متاحة على نطاق واسع,  الشيء الذي يجعل التواصل بين البائعين الالكترونيين و عملاءهم صعب الحدوث. ما يكشف عن تواجد تحدي آخر يكمن في  ضعف تغطية الإنترنت بهذه الدول ،على الرغم من كونها حجر الزاوية للتجارة الإلكترونية , إلا  أن هذه التغطية تعاني من ازديادها البطيء ، و ارتفاع  تكاليف استخدامها ​​،إضافة إلى محدودية كمية البيانات المقدمة من شركات الاتصال, و ندرة فرص ولوج المستهلك  إلى حلول الدفع لتنمية التجارة الإلكترونية في غرب إفريقيا  أو الوصول إلى بطاقات الائتمان ، بالرغم انها من يتحكم , في معظم الأوقات, بعملية شراء المنتوجات الأساسية في الأسرة .


علاوة على ذلك فإن توسع التجارة الإلكترونية في غرب إفريقيا يواجه مشاكل على مستوى الثقافة الرقمية بين السكان ، حيث تنتشر الأمية التكنولوجية في فئات واسعة من شعوب هذه الدول، خصوصا مع ضعف ثقة المستهلكين و تخوفهم الملحوظ من عمليات الشراء عبر الإنترنت و التعرض لحالات النصب والاحتيال و الانتهاكات و المخالفات على الرغم من تزايد عدد مستعملي السوق الافتراضية.  في نفس السياق فإن هشاشة الإطار القانوني يعد من أهم تحديات التجارة الإلكترونية في غرب إفريقيا ، فمعظم القوانين التجارية في إفريقيا مازالت غير قادرة على مواكبة التطورات الرقمية. سواء على مستوى تنظيم المعاملات الإلكترونية (التبادل عبر الإنترنت) ؛أو حماية البيانات والخصوصية .

وبالتالي ،يبدو أن تطور التجارة الإلكترونية يجري على قدم وساق في إفريقيا الغربية لاسيما مع التوسع السريع في عدد السكان ، وظهور طبقة وسطى كبيرة ، وتزايد عدد مستخدمي الإنترنت .إلا أنه يواجه عقبات مختلفة فيما يتعلق بالرقمنة والتكنلوجيا الحديثة , ما يفرض على هذه الدول الاعتماد على استراتيجيات صلبة تسعى إلى تطوير أسواق حديثة ومتقدمة تقنيًا وتجاريًا. وضرورة تعزيز الابتكار وجذب الاستثمار وتشجيع المنافسة ،بالاضافة الى رفع مستوى جودة التجارة الإلكترونية ومدى وصولها من خلال تحسين الوصول إلى الإنترنت والبنية التحتية التجارية والأنظمة المالية , و دعم  رواد الأعمال الأفارقة في اكتساب المعرفة الفنية للمشاركة في الأسواق ، بما في ذلك من خلال التدريب في الفصول الدراسية و الدورات التكوينية عبر الإنترنت .

إمكانيات التجارة الإلكترونية بدول إفريقيا

نخلص إذن أن البلدان التي تسخر إمكانيات التجارة الإلكترونية ستكون في أفضل وضع لضمان وصول السلع والخدمات التي تنتجها إلى الأسواق العالمية في اقتصاد يتحول إلى الرقمنة. لقد آن الأوان لإصلاح شامل وعميق لمنظومة التجارة الالكترونية بغرب أفريقيا , من خلال تطوير المنظومة التكنولوجية ,و توعية المستهلك ومواكبته بهدف تقوية حمايته و الدفاع عن مصالحه , بالاضافة الى تقوية الإطار القانوني للتجارة الإلكترونية ، نشر الثقافة الرقمية, ثم تحديث منظومات الدفع الإلكترونية ، والتعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية لتذليل هذه العقبات من أجل مستقبل أفضل للتجارة الإلكترونية في إفريقيا و توفير المزيد من فرص العمل .

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow